غد أفضل


غد أفضل
هالة فهمي
جريدة المساء : السبت 30 أبريل 2011
"الضحكة الزين والكلمة الزين ترد الدين" تذكرت هذا المثل الشعبي العظيم وأنا في طريقي للجريدة صباحا كنت متأففة من الزحام وعشوائية القيادة وأترحم في سري علي الأيام الأولي للثورة والأيام التي تلتها واشتقت لتلك الروح الجميلة التي كانت تجعلنا نحتمل كل البلطجة التي مارستها الحكومة المخلوعة بل كانت تنزع عنا الخوف علي فلذات أكبادنا في الميدان.
وفجأة وبدون أي تنبيه فوجئت بأحد "الميكروباصات" يكسر عليّ انحرفت يسارا وأكملت مسيري كاظمة غيظي فماذا أفعل؟ وحمدت الله أنني تنبهت في اللحظة المناسبة.
وبعد أقل من خمسة أمتار وجدت بجواري نفس السائق يمد يده من السيارة ليلفت نظري إليه ليعتذر عما بدر منه.. هززت رأسي وتنهدت براحة كبيرة فقد نزع عني غيظي وقهري لأنني لا أستطيع  إعاقة الطريق لعقاب هذا السائق السارح مع خياله ربما في مشكلة لديه وربما في حال البلد الذي يؤرقنا جميعا..
وما إن ابتعدت كيلو مترا آخر حتي وجدت "أتوبيس أخضر" ولأن الاتوبيسات الخضراء روح طاهرة لا يجب المساس بها فمسموح لها أن تنحرف يمينا وشمالا عاليا وتحت الأرض ولا يقدم سائقها لك أي اعتذار وهو يتقدم كالحية التي تتلوي فوق الأسفلت الخشن علي جلدها الناعم.
بعد هذا المشهد بخطوات تحت كوبري اكتوبر بشارع الجلاء.. المارة الحائرون فالأرصفة ذات اليمين مليئة بالباعة والميكروباصات المتجهة للإسكندرية علي الجانب الأيسر والمارة والملاكي وغيره في المنتصف ولأنني تعودت أن أرحم الكبير والصغير وألا أروع المارة وقفت حتي مرت من أمامي سيدة وأولادها ورجل مسن وقبل أن اتحرك متجهة لجريدتي بعد رحلة شاقة وجدت هذا الرجل المبتسم فوق الرصيف يشير لي بأن تفضلي مري وشكرا لأنك انتظرت المارة. وبهدوء رفع يده فوق رأسه وحياني وشيعني بهذه البسمة التي ذكرتني بالمثل الذي ذكرته في بداية مقالي.